4 Jan 2012

مخاوف كوردية - 1

زارا مستو
الحوار المتمدن  
2011 / 12 / 31


بينما يثور الشعب السوري بكافة مكوناته القومية والدينية في كل بقعة من أرض سوريا, وتقدم التضحيات, فإن بعض أطراف المعارضة السورية لا تزال تتعامل وفق الذهنية البالية ومفردات الثقافة الشمولية مع الكثير من القضايا الوطنية الهامة, ومنها قضية الشعب الكوردي في سوريا, لماذا هذه المعارضة تنكر حقوق الشعب الكوردي, والمتمثلة في الاعتراف الدستوري بحقوقه القومية وفق الشرائع والقوانين الدولية, ما خطر هذه الحقوق على سوريا المستقبلية, ومن المستفيد من هذه المواقف؟
لقد تنصلت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي والمجلس الوطني السوري في اتفاقها المنعقد في القاهرة والمقدم للأمانة العامة للجامعة العربية كوثيقة سياسية مشتركة تقدم إلى مؤتمر المعارضة السوري المنوي عقده تحت مظلة الجامعة العربية من الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي المتفقة عليها في وثيقة المجلس الوطني السوري والتي تتضمن " الاعتراف الدستوري بالهوية القومية الكردية، واعتبار القضية الكردية جزءاً من القضية الوطنية العامة في البلاد، ودعا إلى حلها على أساس رفع الظلم وتعويض المتضررين والإقرار بالحقوق القومية للشعب الكردي ضمن إطار وحدة سورية أرضاً وشعباً". انتهى.

أما الصيغة الجديدة"التأكيد على أن الوجود القومي الكردي جزء أساسي وتاريخي من النسيج الوطني السوري، وهو ما يقتضي إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة البلاد أرضا وشعبا، الأمر الذي لا يتناقض البتة مع كون سورية جزءا لا يتجزأ من الوطن العربي". انتهى

إن هذا الاتفاق تنصل وإنكار واضح لحقوق الشعب الكوردي في سوريا, لماذا لا تريد أن تعترف بحقوق الشعب الكوردي دستوريا, وما الهدف من هذا؟ هل تريد أن تستمر في النهج البعث نفسه في تعريب القوميات غير العربية؟ ولماذا دائما تتحفظ على بعض المصطلحات, كمصطلح الشعب الكوردي, وتتهرب من مسألة الدستور؟ ولماذا تستخدم المصطلحات التي توحي بأن الكورد ليسوا بشعب على أرضه, وللأسف يعتبر البعض من الكورد أن هذا الاتفاق هو اتفاق تاريخي.
إن أبناء الشعب الكوردي وحركته السياسية يعتبرون أنفسهم جزء من الثورة, ومنخرطون بها ولذا على القوى السياسية الكوردية أن تشترط هذه الحقوق قبل أي ائتلاف مع هذه القوى, وعلى القوى الكوردية المنضوية في المجلس الوطني وهيئة التنسيق أن تعيد النظر في حساباتها تجاه هذه المواقف.


وعلق الأستاذ رديف مصطفى رئيس اللجنة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا, وعضو المجلس الوطني السوري في صفحته على فيس بوك على خطورة هذه القضية وتداعياتها, قال" أنباء عن توقيع اتفاق بين هيئة التنسيق والمجلس الوطني السوري والصيغة المتعلقة بحقوق الشعب الكردي تراجعت وتمت صياغتها على الشكل التالي : التأكيد على أن الوجود القومي الكردي جزء أساسي وتاريخي من النسيج الوطني السوري، وهو ما يقتضي إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة البلاد أرضا وشعبا، الأمر الذي لا يتناقض البتة مع كون سورية جزءا لا يتجزأ من الوطن العربي. وهنا ألاحظ بأن الصيغة المتفق عليها غاب عنها الاعتراف الدستوري, وغاب عنها قضية الشعب الكردي, وتم التأكيد بأن سوريا جزء من الوطن العربي ويعد بحق هذا الامر تراجع خطير فيما يتعلق بحقوق الشعب الكردي في سوريا مع العلم بأن السيد صالح مسلم رئيس ب ي د كان من بين المساهمين في الاتفاق؟؟

أما الأستاذ وليد شيخو" مسؤول منظمة خارج لحزب آزادي الكوردي في سوريا, وممثل المجلس الوطني الكوردي في الخارج انتقد هذا الاتفاق في صفحته على فيس بوك, فرأى أن" هذا الاتفاق نسف كل ما عملنا من أجله طيلة شهور الماضية، ويشكل تراجع واضح عن مواقف المعارضة . وهذا يدعو الى أخذ حذر من هؤلاء المستهترين بالاتفاقيات وبالبيانات الختامية لمؤتمرات المعارضة بالنسبة لنا كشعب كوردي، اقترح مايلي: - اصدار بيان للرأي العام وتوضيح موقفنا رسميا من هذا الاتفاق، الذي لا يلبي طموحات الشعب السوري بالحرية والديمقراطية وطموحات الشعب الكوردي بسوريا لامركزية وحق تقرير المصير للشعب الكوردي
- طلب من الاخوة الكورد الانسحاب فوري من هذين الائتلافين (هيئة التنسيق والمجلس الوطني السوري).

أما الأستاذ رضوان زيادة المعارض السوري تفاجأ بهذا الإعلان برمته, ورد هذا في صفحته على فيس بوك" فوجئت كما فوجئ الكثيرون من أعضاء المجلس الوطني مثلي بما يسمى الاتفاق بين المجلس الوطني وهيئة التنسيق دون الرجوع إلى مؤسسات المجلس الوطني أو أي من هيئاته يرفض الاتفاق التدخل الخارجي ويتحدث عن ما يسميه تدخل عربي ويتحدث بضبابية عن ما يسمى حماية المدنيين و" يعتز" بالضباط والجنود المنشقين دون تأكيد حمايتهم ودعمهم ولا يلتزم بحقوق الكرد كحقوق شعب تعرض لاضطهاد وتمييز وعليه فإني لا اعتبر من وقع الاتفاق قد وقعه باسم المجلس الوطني وإنما باسمه لأن حماية المدنيين عبر فرض المنطقة الآمنة وفرض الحظر الجوي الجزئي التي هي مطالب الثوار على الارض اهم برأيي مما يسمى توحيد المعارضة وإذا أصر رئيس المجلس على الاتفاق فإنني أعلن تجميد عضويتي فيه". انتهى
إن هذه القضية نفسها قائمة في ليبيا, بعد أن شارك الأمازيغ في الثورة ضد نظام القذافي, وتخلص من نظامه لا يزال الأمازيغ يعانون من العقلية نفسها, فطالبت المعارضة الليبية من النظام الجديد الاعتراف بحقوق الشعب الأمازيغي دستوريا, فالرد كان سلبيا بل اتهمت المعارضة بأنها تعمل وفق أجندة الخارج"

ويقول المعارض بن خليفة (46 عاما) رئيس المؤتمر العالمي الامازيغي"في صحفة القدس العربي" حتى بعد سقوط النظام ما زلنا ضحايا اقصاء منظم، في الاعلان الدستوري (للمجلس الوطني الانتقالي) وفي الممارسة وفي نصوص القوانين والتصريحات.... . و ان مجموعته تشكل أكثر من عشرين بالمئة من سكان ليبيا البالغ عددهم ستة ملايين نسمة. وقال : لماذا هذا الاقصاء؟
وما الخطر الذي تشكله اللغة الأمازيغية اذا أدرجت في الدستور كلغة رسمية؟.

وانتقد بن خليفة رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل الذي أكد مؤخرا على شبكة تلفزيونية ليبية أن الامازيغ في ليبيا تقودهم مصالح قادمة من الخارج. وقال تصورنا اننا انتهينا من نظرية المؤامرة التي كان يؤمن بها النظام السابق ، معتبرا ان تصريحات عبد الجليل خطيرة".

والأقباط في مصر لا يزال يقدمون التضحيات وهم مهمشون, أثناء الأحداث الأخيرة التي حدثت في مصر عندما قام الجيش بمهاجمة بعض المتظاهرين الأقباط وقتلهم كانت الفضائية المصرية تحرض مصريين العرب لمساعدة الجيش في قتل الأقباط المسيحيين, كأنهم ليسوا بمصريين! أليس هذا غريبا؟

وجاء في تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان حول «أحداث ماسبيرو"...للأسف الشديد كانت تغطية التليفزيون المصرى لأحداث ماسبيرو خلال الفترة الزمنية ما بين الساعة السادسة مساءً و نشرة أخبار الساعة التاسعة، وهى أكثر الأوقات حسماً وأهمية وخطورة فيما يتعلق بهذه الأحداث، كانت مضللة ومحرضة ضد المتظاهرين من المواطنين المسيحيين، حيث عرضت أنباء تتهم المتظاهرين، محددة هويتهم بالأقباط، بإطلاق الرصاص على قوات الجيش و الشرطة ووقوع ثلاثة من القتلى وعدد من المصابين من بينهم. وأغفلت عمداً حوادث القتل والدهس والاعتداء على المتظاهرين، ولم تشر إلى وجود مصابين و شهداء بين المواطنين المسيحيين، مما أدى لاستعداء المشاهدين على المواطنين المسيحيين، ونزول البعض منهم بغرض مساندة الجيش ، حيث تم الاعتداء على المواطنين المسيحيين لمجرد أنهم مسيحيين، كما ورد فى القسم الأول من التقرير.". انتهى

إن هذه المواقف امتداد لتلك الثقافة الٌإقصائية الشوفينية التي تستهدف المكونات الرئيسية في هذه المنطقة, فالكورد والأمازيغ والأقباط والقوميات الأخرى في المنطقة يسعون إلى بناء دول ديمقراطية تعددية مدنية يضمن فيها الاعتراف بحقوق جميع المكونات دستوريا - وليس شفهيا- وفق المعايير والقوانين الدولية, فإن استمرار هذه المواقف تسيء إلى الثورات وسمعتها, ولن تجلب سوى عدم الاستقرار والتفكك في مجتمعاتنا, وهذا يعني على هذه القوميات أن تستمر بنضالها من جديد ضد هذه العقلية الإقصائية إلى أن يتساوى الجميع دستوريا.

No comments:

Post a Comment