24 Apr 2012

جعل أيـ... ي بهالفن: قصة حقيقية حصلت قبل سنوات من الثورة


عملت مرة مع مكتب للديكور في دمشق، وكان علينا تجديد مطعم فيه حصة لأحد أبناء آل الأسد.
وهناك كان يتواجد دائماً عناصر لا نعرف إن كانوا أمناً أو شبيحة... ما نعرفه أنهم من عند "المعلم". عملهم كان ترهيب المهندسين والعمال وحتى الجيران إذا نطقوا أو طلبوا تخفيض صوت الهدم أو الآلات ذات الصوت المزعج في أوقات النوم. وأيضاً الإشراف المباشر على المخالفات.
الفائدة الوحيدة من وجودهم كانت أنك عندما تحتاج الهدم تستطيع أن تقول له "هذا العامل ضعيف هل يمكنك مساعدته؟"، فترى الجدار تحول حطاماً في ثوان. أما عند البناء فوجودهم كان كارثة وعذاب نفسي للعمال والمهندسين.
حالة الرعب كانت دائمة بين الجميع، تجد عاملا له 48 ساعة لم ينم ويخشى الطرد إذا جاء "المعلم" فجأة ووجده غير موجود أو نائم.

في نهاية المشروع جاء فنان تشكيلي، طلب منه عمل تجريدي يوضع على جدار في المطعم. وبعد وقت طويل وجهد جهيد وأيام انتهى الفنان من عمل، والعمل له فعلاً قيمة فنية ومحتوى جيدان.

فسأله زلمة الملعم: "هلق شو يعني هدا؟"
حاول الفنان التهرب من الإجابة لأنه يعرف طبيعة الشخص الذي يسأله.
فأصر زلمة المعلم: "لك شو يعني قلي؟"
واضطر الفنان للإجابة: "هذه لوحة تجريدية".
زلمة المعلم: "حكيني عربي".
بدأ الفنان يشرح عن معاني الألوان وتداخل الخطوط والموت والحياة...
بدا زلمة المعلم وكأنه لا يصغي. فتوقف الفنان عن الحديث.
عاد الآخر وقال: "لماذا لا تكمل؟". فأكمل
وعاد زلمة المعلم ليبدي عدم إصغاء مقصود وأخذ ينظر جيئة وذهابا بعيدا عن الفنان.
لكن الفنان شعر أن عليه أن يكمل، واستمر.
وعندما انتهى منهكا من حديثه الطويل.
قال له زلمة المعلم: "هلق هدا هوي الفن؟ جعل أيـ... ي بهالفن"

هذا يشبه تماما سؤالهم عن الحرية....ما يريدونه هو فقط تحطيم كل شيء فيه حياة وقيمة. والانتقاص من قيمة أي إنسان قادر على العطاء، وأكثر ما يغيظهم هو العطاء.
(اللوحة فوق بعنوان "أسود وأبيض" من أعمال Jackson Pollock)

No comments:

Post a Comment